العنوان

22 01 2022 م   -   24 محرم 1444هـ

أهميَّة المَخطوطات ومَكانَتها العِلميَّة

أهميَّة المَخطوطات ومَكانَتها العِلميَّة:
تتجلَّى أهميَّة المَخطوطات وتَظهر مَكانَتها في كَونها جُزءًا من التُّراث الإِسلاميِّ العَريق الَّذي قَامت عَليه الحَضارة، ودِراسَتها تَدفَع إِلى التعرُّف عَلى أَسباب النُّهوض بالحَضارَة الإِسلاميَّة، ومَعرفَة الطريق الَّذي سَار عَليه مَن سَبَقونا في مَسيرَة بِنائِهم الحضاريِّ، علَّه يكون نورًا تَهتدي به الأَجيال اللَّاحِقة، لِما لهَذا التُّراث مِن الأثر الفعَّال في تَكوين هَذه الأمَّة.
وتُعدُّ هَذه المَخطوطات -سواءً كَانت ضِمن مَكتَباتٍ حُكوميَّة عامَّة أو خاصَّة- مِن أَنفس ما نَعتزُّ به، نَظرًا لقِيمَتها التاريخيَّة والعِلميَّة والإِبداعيَّة والجَماليَّة، وفي هَذه المَخطوطات تتجلَّى هُويَّتنا، ويَظهر فِيها أيضًا تَقديرنا لِلعِلم، وإِسهامنا في الحَضارَة الإِنسانيَّة.
وتَمتلك بِلادنا رَصيدًا لا بَأسَ به مِن المَخطوطات في شتَّى العُلوم، وهَذا الغِنى يدلُّ عَلى حِرص أَجدادنا عَلى اقتِناء أَدوات العِلم من جهةٍ، وعَلى إِسهامهم الواضِح في إِنتاج هَذه الأَدوات مِن جهةٍ أُخرى، فأهميَّة هَذا التُّراث أهميَّة عِلميَّة وتاريخيَّة ووطنيَّة، لأنَّ نُصوصًا كَثيرةً تُعدُّ شَواهِدَ عَلى مَعالِم الحَضارَة العَربيَّة الإِسلاميَّة، ولا تقِلُّ الأهميَّة الفنِّيَّة والجَماليَّة في هَذا التُّراث عن الأهميَّة العِلميَّة والتاريخيَّة، الَّتي لا تهمُّنا فقط بل تهُمُّ الإِنسانيَّة جَمعاء.
ورَصيد بِلادنا مِن هَذا التُّراث غَير مَعروفٍ تَمامًا، حيثُ تَتوزَّع أَماكِن انتِشار المَخطوطات في المُدن وهِجر العِلم اليمنيَّة، مثل: صَنعاء وحَضرَموت وزَبيد وجِبلَة وصَعدَة وكَوكَبان وذَمار، وغَيرها مِن المُدن.
ومِن مُنطَلَق اهتِمام الهَيئَة العامَّة للأَوقاف مُمثَّلة بإِدارَة المَخطوطات والمَكتَبات الوَقفيَّة وأَمانَة مَكتَبة الجامِع الكَبير بصَنعاء، فقَد جُمعت الكَثير مِن المَخطوطات بمُختَلَف عُلومها وفُنونها، وذلك لِلمُحافَظة عَليها وصِيانَتها وتَرميمها بطُرقٍ عِلميَّةٍ صَحيحةٍ.
وهَذه المَخطوطات مِن أَفضَل ما حَفِظَتهُ خَزائِن التُّراث، لِما تَحمِل بَين سُطورها مِن حَياة أَجيالٍ سَابقةٍ، ولِما تُمثِّله مِن وَحدةٍ تاريخيَّة كَامِلةٍ، ونَظرًا لأهميَّة هَذه المَخطوطات فقَد عَمِلَت مَكتَبة الجامِع الكَبير بصَنعاء عَلى إِدخال التَّقنيَّة الحَديثة لأَعمال التوثِيق والفَهرسَة والتصوِير، كَما عَمِلَت عَلى إِنشاء قاعِدة بَياناتٍ حاسُوبيَّة تَفصيليَّة لفَهرسَة المَخطوطات، وهَذه البَيانات ذَات مَنافِذَ وحُقولٍ مُتعدِّدةٍ، مثل: اسم المؤلِّف، وعُنوان المَخطوط ورقمه، لتَسهيل مُهمَّة الباحِث والدارِس لهَذه المَخطوطات لأنَّ هَذا التُّراث المُتمثِّل فِيما نَمتَلِكُهُ مِن مَخطوطاتٍ ذَات قِيمةٍ كَبيرةٍ، فلَيس مِن المَعقول أَن نَترُك هَذا التُّراث فَريسَةً لِلعَوامِل الطَّبيعيَّة وغَير الطَّبيعيَّة المُدمِّرة لهَذه المَخطوطات، فتَدخُل في طَيِّ النِّسيان.
ولتَوسِيع آفَاق عَمَل إِدارَة المَخطوطات والمَكتَبات الوَقفيَّة وأَمانَة مَكتَبة الجامِع الكَبير بصَنعاء، فقَد عَمِلَت عَلى:
1- العَمَل عَلى إِصدار دَليلٍ لِلتَّعرِيف بالمَخطوطات اليَمَنيَّة، وتَحديد أَماكِن وُجود كُلِّ المَكتَبات مِن أَجل صِيانَتها وتَقديم النَّصائح الضَّرورِيَّة لحِمايَتها.
2- القِيام بفَهرسَة كُلِّ المَخطوطات في المَكتَبة.
3- العَمَل عَلى أَتمتَة كُلِّ المَخطوطات، ونَشرِها عَلى حَوامِل إِلكترونيَّة.
4- عَمَل مَواقِعَ وعَناوِينَ إِلكترونيَّة مِن أَجل تَسهيل التَّواصُل بَين المَكتَبة والمَكتَبات الأُخرى والمُهتمِّين والدارِسين للمَخطوطات.

بقلم الأستاذ/

محمد صالح الداعري

اقرأ المزيد

12 01 2022 م   -   14 محرم 1444هـ

المَخطوطات اليمنيَّة وطُرُق الحِفاظ عَليها

المَخطوطات اليمنيَّة وطُرُق الحِفاظ عَليها:
المَخطوطات: هِي كُلُّ ما كُتِب بخَطِّ اليَد قَبل عَصر الطِّباعَة عَلى يَد العُلماء والفُقهاء، وتُعتبر تُراثًا نَظرًا لقِدَمِه.
- تنوَّعت المَخطوطات اليمنيَّة بين مَصاحِفَ وتَفاسِيرَ وعُلومٍ دِينيَّة وعُلومٍ إِنسانِيَّة وغَيرها.
- لم تَقتَصِر العِناية عِند اليمنيِّين في المَخطوطات من حيثُ استخدام أَفضل أنواع الأَوراق، فَقد استخدَموا أَوراق الكَتَّان، والأَوراق ذات العَلامات المائيَّة المُختلفة (الورق الآزيُّ)، والأَوراق المصقُولة بالشبِّ وبَياض البَيض وغيرها من الأَوراق، وأمَّا الأَحبار فَقد استَخدَموا الكَثير من الأَحبار، منها الحِبر الحَديديُّ، والأَحبار الكَربونيَّة والمُلوَّنة وغيرها.
- وقَد أَبدع اليمنيُّون في تَجليد المَخطوطات، واستَخدموا نِظام اللِّسان في التجلِيد، وكذلك تَبطين المَخطوطات مِن الداخِل بِاستِخدام القُماش، وأَجادوا الخِياطَة والحِباكَة بأَنواعها، واستَخدموا أَنواعًا مُختلفةً من الجِلد الطبيعيِّ ذات الأَلوان الجَميلة، وأَبدعوا في الزَّخارِف المُنفَّذة على الجِلد، الَّتي تَحتاج إِلى دِراساتٍ علميَّة لتخرج إِلى النُّور، وهَذه الزَّخارِف عبارةٌ عن زَخارِف كِتابيَّة وزَخارِف هَندسيَّة وزَخارِف نباتيَّة.
- ولقد تنوَّعت الخُطوط المُستَخدمة في المَخطوطات اليمنيَّة بَين الخُطوط الَّتي تُذهِل الناظِر إِليها، مِنها ما هُو بخطِّ الثُّلُث، والخطِّ الكُوفيِّ بأَنواعه، وغيره من الخُطوط الرائِعة، الَّتي تَحتاج أيضًا إِلى دِراساتٍ علميَّة من ماجستير ودكتوراة.

- طُرق الحِفاظ على المَخطوطات:
 الأُسُس العلميَّة المُعتمَدة في الحِفاظ على المَخطوطات:
أ) المَبادِئ الأساسيَّة لإِنقاذ المَخطوطات:
1- التَّعقِيم: وهِي عمليَّة التخلُّص من الأَضرار الحشريَّة باستِخدام الموادِّ الكِيميائيَّة أو بالتَّبريد.
2- تَنظِيف أَوراق المَخطوطات، وذلك بِاستِخدام الفُرشاةِ والأَجهِزة.
3- تَثبيت الكِتابَة والرُّسوم على الوَرق، وذَلك بوَاسِطة موادَّ كِيميائيَّة.
4- غَسيل الأَوراق وتَعديل الحُموضَة.
5- الكَشف الدَّورِيُّ المُتكامِل على المَخطوطات.
6- العَمل على عَزل المَخطوطات المُصابة.

ب‌)  المَبادِئ الأساسيَّة لصِيانَة وتَرميم المَخطوطات:
1- ارتِداء القفَّازات والكمَّامات.
2- القِيام بالتجارِب أوَّلًا قَبل القِيام بأيِّ عملٍ قد يُؤثِّر على المَخطوط.
3- عدم تَغيير أَو تَزوير في شَكل المَخطوط.
4- عدم الاستِهانَة بأيِّ قِطعةٍ من المَخطوط أو جُزءٍ من أَوراقه.
5- عدم استِعمال مَوادَّ أو أصماغٍ مجهولَة المَصدَر.

ج‌)  القَواعِد الَّتي يَجِب التِزامها من قِبل العامِلين في عِلاج المَخطوطات:
1- الاحتِفاظ بمَعالِم أثريَّة وقِدم المَخطوطات، مَع تَخليصه من كُلِّ عَوامِل التَّلف والتشوُّهات الَّتي لَحِقت به.
2- ضَرورَة التأكُّد من سَلامَة استِخدام الموادِّ الَّتي تُوضَع في المَخطوط على المَدى الطَّويل.
3- إِيجاد طُرُقٍ وأَسالِيب سَليمةٍ لحِفظ هَذا التُّراث أَثناء عَرضه وحِفظه في المَكتَبات.

الأخطار التي تهدد المَخطوطات الأثرية وخاصة المَخطوطات اليمنية:
تَبذُل الهيئة العامَّة للأَوقاف جُهودًا كَبيرةً في الاهتِمام المَلموس بالمَخطوطات التابِعة للأَوقاف، من خِلال الخطَّة الَّتي تُنفِّذها إدارة المَخطوطات والمَكتبات الوقفيَّة في الفَترة السابِقة، وقَد قَامَت بالنُّزول المَيدانيِّ لمُعظَم مَكتَبات المَساجِد في بَعض مُحافَظات الجُمهوريَّة، وإِنقاذها مِن الخَطَر الَّذي يُهدِّدها.
وهَذه الأَخطار تَتمثَّل فِيما يَلي:
1- المَخاطِر الطبِيعيَّة، وهي:
- الرُّطوبَة الزَّائِدة.
- الضَّوء المُباشِر عَلى المَخطوطات.
- دَرَجَة الحَرارَة.
2- المَخاطِر الكِيميائيَّة، وهي:
- التلوُّث الهَوائيِّ.
- الأَترِبة المُحمَّلة بِبُيوض الحَشَرات.
- الحُموضَة.
3- العَوامِل البُيولوجيَّة، تتمثَّل في:
- الكَائِنات الدَّقيقَة، مثل البَكتيريا، والفِطريَّات، والعَفَن.
- الآفَات الحَشَريَّة، مثل الصَّراصِير، والسَّمك الفِضِّيِّ، وقَمل الكُتب والعَثَّة.
- القَوارِض، مثل الفِئران (الجِرذان) وغَيرها.

الإنسان وما يقوم به من أعمالٍ تُهدِّد حَياة المَخطوط:
- التَّعامُل السيِّئ مع المَخطوط.
- الإِهمال وعَدم نَظافَة مَكان حِفظ المَخطوط.
- إِدخال المَشروبات والمَأكولات، والتَّدخِين.
- تَقليب الصَّفحات بعُنفٍ.
- لَمس المَخطوط بأَصابِع مُلوَّثة.
- ثَني الأَوراق أي عَطفها.
- الضَّغط على المَخطوطات أَثناء التَّصوِير.
- التَّرميم العَشوائِيُّ.
- وَضع مَبنى المَكتَبة بجانِب دَورَة المِياه.
وغَيرها مِن الأَخطاء الَّتي يَقوم بِها الإِنسان بجَهلٍ تِجاهَ المَخطوطات.

أهمُّ واجِبات مُختصِّي التَّرميم:
- التَّأكُّد مِن سَلامَة الموادِّ، ومَدى صَلاحيَّتها في عمليَّة الصَّيانَة والتَّرميم.
- الحُصول عَلى المَعلومات في هَذا المَجال.
- أَن يَكون واثِقًا مِن أنَّ جَميع خُطوات الصِّيانَة والتَّرميم سَليمة، ولا تُؤثِّر على المَخطوط.
- يجب عَلى مُختصِّي التَّرميم والصِّيانَة استِخدام ذَكائه ومَهارَته اليدويَّة وذَوقه الفنِّيِّ أَثناء عَمَله.
- يجب عَلى مُختصِّي الصِّيانَة والتَّرميم أَن يتحلَّوا بالصِّبر.


صِيانَة وتَرميم المَخطوطات:
- تَشخيص حَالَة المَخطوط وتَصويره.
- التَّنظيف.
- تَثبيت الحِبر وتَعديل الحُموضَة.
- تَحديد نَوع التَّرميم.
- الخِياطَة والحِباكَة والتَّجليد.
- تَخصيص صُندوقٍ لحِفظ المَخطوط.

وخِتامًا، مِن واجِبنا نَفض الغُبار عن تُراثنا المَخطوط من خِلال حِفظه، وتَنظيمه وفَهرسَته، والتعرِيف به، وتَوجيه الأَجيال القادِمة للتمسُّك به كفِكرٍ إِنسانيٍّ يخدم بِلادنا، فإنَّ العَولَمة تُحارِبنا مِن خِلال طَمس هُويَّتنا الإِيمانيَّة والثقافيَّة، وصَرف الأَبصار عن تُراثنا المَخطوط، لِذا نَحن بِحاجةٍ إِلى الاعتِزاز بتُراثنا اليمنيِّ أَكثَر مِن أيِّ وقتٍ مَضى.
حَفِظ الله كَنزنا المَخطوط من كُلِّ مَكروهٍ، ودَامَت بِلادنا مَركزًا لِلعِلم ومَنارةً للمُتعلِّمين.

بقلم الأستاذ/
علي علي غيلان

اقرأ المزيد